کد مطلب:240941 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:137

بصنع الله یستدل علیه
من خطبة للإمام الرضا علیه السلام رواها الشیخ الصدوق عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الحصین بن الولید رضی الله عنه قال حدثنا محمد بن عمرو الكاتب عن محمد بن زیاد القلزمی عن محمد بن أبی زیاد الجدی صاحب الصلاة بجدة قال حدثنی محمد بن یحیی بن عمر بن علی بن أبی طالب - علیه السلام- قال: سمعت أباالحسن الرضا - علیه السلام- یتكلم بهذا عند المأمون فی التوحید.

قال ابن أبی زیاد و رواه لی و أملی أیضا أحمد بن عبدالله العلوی مولی لهم و خال لبعضهم عن القاسم بن أیوب العلوی:

أن المأمون لما أراد أن یستعمل الرضا - علیه السلام- جمع بنی هاشم فقال لهم: إنی أرید أن استعمل الرضا علی هذا الأمر من بعدی، فحسده بنوهاشم و قالوا: أتولی رجلا جاهلا لیس له بصر بتدبیر الخلاقة؟ فابعث إلیه رجلا یأتنا تری من جهله ما تستدل به علیه - أی علی جهله - فبعث إلیه فأتاه، فقال له بنوهاشم: یا أباالحسن اصعد المنبر و انصب لنا علما نعبد الله علیه، فصعد علیه السلام المنبر فقعد ملیا لایتكلم مطرقا، ثم انتفض انتفاضة و استوی قائما، و حمد الله تعالی و أثنی علیه، و صلی علی نبیه و أهل بیته ثم قال:

«أول عبادة الله تعالی معرفته، و أصل معرفة الله توحیده، و نظام توحید الله تعالی نفی الصفات عنه لشهادة العقول أن كل صفة و موصوف مخلوق، و شهادة كل موصوف أن له خالقا لیس بصفة و لاموصوف و شهادة كل صفة و موصوف بالاقتران، و شهادة الاقتران بالحدوث، و شهادة الحدوث بالامتناع من الأزل الممتنع من الحدوث، فلیس عرف الله من عرف بالتشبیه ذاته، و لاإیاه وحد من اكتهنه، و لاحقیقته أصاب من مثله، و لابه صدق من نهاه، و لاصمد صمده من أشار إلیه، و لاإیاه عنی من شبهه و لاله تذلل من بعضه، و لاإیاه أراد من توهمه، كل معروف بنفسه مصنوع، و كل قائم فی سواه معلول، بصنع الله یستدل علیه، و بالعقول تعتقد معرفته، و بالفطرة تثبت حجته،



[ صفحه 204]



خلق الله الخلق حجابا بینه و بینهم، و مباینته إیاهم و مفارقته أینیتهم، [1] و ابتداؤه إیاهم دلیل علی أن لاابتداء له؛ لعجز كل مبتدأ عن ابتداء غیره...» [2] .

و الخطبة مطولة و زعناها علی عدد من مباحث توحیدیة لایستغنی عنها الباحث و هی جدیرة بالنظر إلیها.

قوله علیه السلام: «بصنع الله یستدل علیه» فی الصنع آیات كثیرة تدل علیه منها ابتداؤه تعالی له الدال علیه، و قد بین ذلك بقوله علیه السلام: «ابتداؤه إیاهم دلیل علی أن لاابتداء له» و الدلیل لإثبات ذلك ما جاء بعده مباشرة «لعجز كل مبتدا عن ابتداء غیره».

أی: إن لم یدل ابتداؤه تعالی علی عدم الابتداء له كان مبتدأ لامحالة و المبتدأ عاجز عن ابتداء غیره و إلا لاختار الابتداء لنفسه قبل غیره و الأمر دائر بین أن لایكون له عزوجل الابتداء و هو الثابت المطلوب و بین أن یكون و الثانی محال للزوم العجز المنفی عنه تعالی فافهم إن شاء الله تعالی.

و هو من قبیل إثبات الشی ء بنفی النقیض للدوران بین أمرین لاثالث لهما و فی كلمات المعصومین علیهم السلام من نوع هذا الاستدلال الشی ء الكثیر و منها الخطبة المبحوثة و فیها: «بتجهیره الجواهر عرف أن لاجوهر له»، [3] «بمضادته بین الأشیاء عرف ن لاضدله»، [4] و «شاهدة بغرائزها أن لاغریزة لمغرزها» [5] .

و هو من الحكم العقلی الدائر بین النفی و الإثبات و السبر و التقسیم علی أن لاطریق لنا إلی الإثبات إلا بنفی الضد و عدم المعرفة بمن لاحدله یحدبه و لامثل و لاضد له إلا من طریق نفی الحدود الكائنة فی المخلوق عنه، و أما الا كتناه فلا سبیل للعقول إلیه ففی الدعاء المهدوی:

«... یا من حارت فی كبریاء هیبته دقائق لطائف الأوهام، و انحسرت دون



[ صفحه 205]



إدراك عظمته خطائف أبصار الأنام» [6] .

و السجادی: «أنت الذی لاتحد فتكون محدودا، و لاتمثل فتكون موجودا مشهودا، و لم تلد فتكون مولودا»، [7] أی: غیرك محدود مشهود مولود.

ثم هنا بحث:

هل أول ما ابتدأ الله عزوجل بخلقه هو العقل كما فی نبوی نقله المجلسی؟ [8] أو النور؟، [9] أو الماء؟ رواه الصدوق [10] أو الهواء؟ أو القلم؟ [11] أو الحروف [12] و هل یمكن الجمع بین الجمیع؟؟؟

و عندی أن الخلق الأول هو نور محمد و آل محمد صلی الله علیهم و سلم: ففی الباقری «یا جابر إن الله أول ما خلق خلق محمدا و عترته الهداة المهتدین فكانوا أشباح نور بین یدی الله قلت: و ما الأشباح؟ قال: ظل النور أبدان نورانیة بلا أرواح...»، [13] و خبر جابر قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله: «أول ما خلق الله نوری ابتدعه من نوره، و اشتقه من جلال عظمته» [14] .

و الأخبار كثیرة جدا و یساعده الاعتبار العقلی أیضا إذ أنهم علیهم السلام أشرف الممكنات بتمام معنی كلمة الشرف و یلزمه عقلا شرف التقدم الوجودی أیضا و إلا لما كان الكمال و تمام الشرف متحققین فیهم علی أنهم أحب الخلق إلیه تعالی و مقتضاه التقدم المطلق.



[ صفحه 206]




[1] من (الأين) الزماني و المكاني علم أن لازمان له تعالي و لامكان.

[2] عيون أخبار الرضا (ع) 124 - 123/1.

[3] حرف الباء مع التاء.

[4] حرف الباء مع الضاد.

[5] حرف الشين مع الألف.

[6] الإقبال 647 من أدعيه رجب.

[7] المصدر ص 351.

[8] البحار 97:1، عن عوالي اللئالي 99:4.

[9] كما في المصدرين.

[10] التوحيد 319 ،67 - 66.

[11] التوحيد 325.

[12] التوحيد 435.

[13] البحار 25:15.

[14] المصدر ص 24.